Kayıt Oturum aç

لماذا لا نستخدم اللغات الوسيطة؟

Global Arapça Platform Ekibi

589
     

لماذا لا نستخدم اللغات الوسيطة؟

كتبه: أ. محمد عادل الرويني.

بعيدًا عن الشد والجذب في مثل هذه القضايا التي تشتت المعلمين ويقطع فيها الباحثون شوطًا من الوقت والجهد دعونا نعرض لأهم الأسباب الواقعية التي تجعلنا نتجنب استعمال الوساطة اللغوية في أثناء التعليم.

تفعيل العقل وتعريبه لتنمية الملكة اللغوية.

عندما يلتقي الطالب بمعلمه العربي في الفصل الدراسي لأول مرة ويبدأ المعلم في عملية بسيطة ومهمة جدا من خلال التحدث إلى الطلاب بمفردات وتراكيب أكثر سهولة مثل: أهلاً وسهلاً، السلام عليكم، أنا محمود. وأنت؟ أغلق الباب. تفضل هنا. اجلس من فضلك؟ هذا واجب. أين إبراهيم؟ انتبه معي. من فضلك ضع القلم. افتح الكتاب...إلخ من التراكيب ذات الطابع التواصلي مع إبداع المعلم في توظيف لغة الجسد، حينها تبدأ عملية رصف أرضية عربية في عقل الطالب تسمح بتنمية الملكة اللغوية ومن ثم تسهيل النطق بهذه التراكيب التي ربما تمثل أكثر من 60% من روابط التواصل في الأيام الأولى.

 

ولسنا ننكر أن ذلك قد يشكل قلقًا ربما لأي طالبٍ بدأ للتو دراسة لغة جديدة، ولكنك ستطمئن عندما تعرف أن ذلك القلق يزول بمرور بضع ساعاتٍ دراسية فقط شريطة أن يعمل المعلم نفسه على إزالة ذلك القلق من خلال بساطة التركيب المصحوب بتعبير جسديٍّ يترجم الجملة ترجمةً حيوية.

 

وقد رأيت ذلك ميدانيًا كيف أن المعلم يتواصل عن طريق لغةٍ كلاسيكية بسيطةٍ جدًا تشبه لغة الأطفال إلا أنها خالية من الأخطاء، وقد يظنُّ البعض للوهلة الأولى أن ذلك اللون من اللغة التواصلية جديدٌ عليه، لكن عندما ترى السعادة في عيون الطلاب وانتباههم الملفت للمعلم وفهمهم لكل شيءٍ دون استخدام لغة وسيطة، كما سمعت الطلاب العجم مع الأستاذ نفسه يسألونه بالطريقة نفسها، بعبارات مثل: ممكن مرةً أخرى يا أستاذ؟ يريد إعادة الشرح.

 

وهكذا بدا الدَّرس في غاية الوضوح والبساطة والأصالة وكان شيئا محمسًا لأبعد الحدود.

 

وعلى الع** تماما عندما رأيت معلمًا آخر يشرح لطلابه باللغة الإنجليزية، ولم يُنطق بالعربية طوال الدرس سوى الكلمات والتراكيب التي يعمل عليها المعلم فقط، وبالطبع كانت توجيهات المعلم وإرشاداته واستفسارات الطلاب بالإنجليزية، وبهذا يبقى عقل الطالب خاملاً ولسانُه معقودًا عن التلفظ بأي استفسار عربي؛ لأنه ببساطة لا حضور للعربية سوى على اللوحة بكلمات خافتة وسط ركام من الشرح والتفسير باللغة الإنجليزية.

 

ولذلك يميل الباحث إلى منع استخدام اللغة الوسيطة ليتعرب عقل الطالب وتتنمى لديه على مدار ساعاته الدراسية ملكة الاستماع التي تليها مباشرة ملكة التكلم والنطق بالعبارات سهلة وصحيحة.

2. التفكير باللغة العربية والقدرة على تخمين الألفاظ.

واحدة من أهم ثمرات استخدام العربية وترك اللغات الوسيطة هي أن الطالب يتحوَّل تدريجيًا في أثناء مرحلة الدراسة إلى التفكير باللغة العربية وكثيرا ما ينطرح في العقل الباطن أو ما يسميه بعضهم بـ(اللاواعي  Unconscious cognition   ) ([1] ) استفسارات وأسئلة وتعبيرات عن مواقف معينة باللغة العربية، كما أن الطالب مع كثرة الاستعمال اللغوي الطائر تسهل عليه قضية تخمين الألفاظ حيث يستطيع التعرف إلى عربية تلك الكلمة من عدم عربيتها، وجرب بعد فترة معينة وضع لطلابك على اللوحة جدول من الكلمات مزيجًا بين العربية والتركية والهندية مثلاً وكلها مكتوبة بالحروف العربية وستجد على الأقل أن الطالب استطاع من خلال الحس فقط تمييز الكلمات العربية عن غيرها.

كما أنه سيسهل في ما بعد على الطالب استعمال المشتقات واستيعابها بسهولة ويسر، على ع** من تعود سمعه على لغة أخرى فسيُعد الكلمات (ضرب، ضارب، مضروب، مضرب) أربعة كلمات جديدة عليه، بينما يعدها الطالب الآخر كلمة واحدة مختلفة الصيغة.

3. سرعة الاستحضار.

  لعل كل المعلمين يلاحظون ملاحظةً واضحةً عجز الطلاب الذين يعتمدون اعتمادًا كليًا في تعبيرهم عن الاستحضار سواء استحضار كلمة أم استحضار جملة أم فقرة تعبيرية صغيرة؛ لأن الطالب لم يتعود على الاسترسال باللغة العربية سواءً على مستوى الاستماع أم التكلم، كما نلاحظ أن الطالب إذا أراد أن يعبر عن شيء فكر أولاً بالإنجليزية ثم تحدث بترجمة ما يريد وغالبًا تخرج ترجمةً حرفية ركيكة ليس فيها روح الاستعمال اللغوي.

كذلك على المستوى البعيد ستكون لدى الطالب الكثير مما يسمى بالأورام اللفظية في أثناء التعبير نتيجة افتقادهم للارتجال اللغوي في الحديث الذي كان سببه الأساس فقدان الاستماع التواصلي.

 

ونحن نرى الكثير من الباحثين غير العرب والمعرفين بإتقان العربية بل وتعليمها يتعاملون فقط مع اللغة المكتوبة أو المقروءة بينما يبتعدون عن اللغة المسموعة أو التحدث بها لتفادي الأخطاء ووجود نسبة عجز واضحة.

4. اختلاف لغات الطلاب العجم.

الكثير من المعلمين الذين عَمِلوا في مراكز تعليم اللغة العربية خاصة في بلاد مثل تركيا، وموسكو، وماليزيا وإندونيسيا، وتايلند، والصين، واليابان بل وفي مصر والمملكة العربية السعودية يعرفون جيدًا التفاوت الشديد بين اللغات الثانية للطلاب؛ فليس كل طلاب الفصل –على الأغلب-يتحدثون لغة واحدة يمكن التواصل معهم بها، فالطلاب الأو**يك والقرغيز يتحدثون لغتهم الأم بالإضافة إلى اللغة الروسية كلغة ثانية وجلهم لا يعرف الإنجليزية، وفي الصين واليابان يقل عدد المتحدثين أو المستوعبين للإنجليزية، وكذلك تمتد أيضا المشكلة لتصل إلى طلاب دول الاتحاد الأوربي فالإيطاليون والفرنسيون لدى معظمهم تلك الإشكالية أيضا، وقد درَّست لبعض طلاب فرنسيين ولم تكن لديهم قابلية لاستعمال اللغة الإنجليزية لا في التواصل الدراسي ولا في غيره.

 

على أن بعض من يُهوِّل ويُرَوِّج لفكرة سيطرة الإنجليزية على العالـم لا يشعر بالشارع الصيني والياباني والملاوي والتركي والإيطالي وكيف تسير به الأمور؛ فهناك لا تكاد تُستعمل الإنجليزية كلغة سهلة للتواصل، وبعض الأبحاث تذكر أن نسبة المتحدثين بالإنجليزية في إيطاليا مثلا لا تتجاوز من 10 إلى 20%، بل إنَّ متحدثي الإنجليزية الأصليين لا يـمثلون أكثر من 6 % من سكان العالم، وأن من يستخدمونها لغةً ثانية لا يزيدون على 12%. ([2])

 

وهذا ليس إنكارًا لانتشار اللغة الإنجليزية بين شعوب العالم، وكذلك لا ينبغي أن يكون ذلك الانتشار مبررًا لإحباط المتحمسين لنشر العربية بكل صورها، ولكنها الحقائق، وإن كانت الإنجليزية تحتل المرتبة الثانية بعد اللغة الصينية فإن اللغة العربية تحتل المرتبة الرابعة بعد الهندية في قائمة تضم 26 لغة جديرة، ويتحدث بالعربية حوالي 541 مليون إنسان في العالم.

 

5. تيسير الطريق أمام المعلمين.

في الوقت الذي بدأت فيه مؤسسات تعليمية كبيرة التنازل والتساهل عن كثير مما يُتداول من قواعد في اللغة البريطانية الأصلية والعمل على تيسيرها أمام الشعوب المساهمين في نشرها، واستجابة لحاجيات المهاجرين من المتحدثين بغيرها ([3] ) تضع المؤسسات العربية في مختلف البلدان شروطًا صارمة لقبول المعلمين والباحثين في مجال العربية للناطقين بغيرها، وذلك على قلة تلك المراكز أو المعاهد، فتجد ضمن الشروط إتقان اللغة الإنجليزية بل والحصول على درجة جيدة في  ( IELTS) أو ( TOEFL)، والحصول على درجة الماجستير على الأقل، كل ذلك لا ليعمل المعلم في مجال البحث العلمي بل ليقوم بالتدريس.

 

وهذا بلا شك يضيِّق الخناق على أبناء العربية الراغبين في صعود هذا السلم الذي هو حق لكل طالب علم اجتهد وأحب تلك المهنة.

 

ونتج عن ذلك التصعيد في المتطلبات قلة المتدربين وقلة الخبراء واضطرار هؤلاء المعلمين إلى العمل الفوضوي من دون تدرُّب في مراكز متخصصة؛ لأن ذلك سيكلفهم الكثير من الوقت والجهد والمال بعد أن عانى –قبلاً-في دراساته السابقة حتى تخَرج ليجد نفسه مطالبًا بركام من الرسميات والتكاليف ليعمل.

 

6. إزالة التمييز بين الطلاب

   يتناسى عدد من المعلمين الفروق الفردية بين الطلاب في أمر اللغات الوسيطة، ويخضعون لشهوة التحدث بالإنجليزية أو غيرها في أثناء الشرح رغم وجود عدد من الطلاب لا يتقنها مما يسبب أزمات بين الطلاب تتمثل في ما يأتي:

يحتكر الطلاب المتقنون اللغة الوسيطة الاستفسار والنقاش مع المعلم، بل ويطلب المعلم أحيانًا من أحد الطلاب إعادة ترجمة الشرح بلغاتهم في بعض المسائل للطلاب الذين لم يفهموا، ومن هنا يجد الطالب الروسي الذي لا يفهم العربية من خلال الإنجليزية لزامًا عليه تعلُّم الإنجليزية أولاً ليبدأ الدراسة ولا عزاء للعربية بين هذه المعامع.

يتأثر بعض الطلاب نسبيًا لخمولهم داخل الفصل وعجزهم أحيانا في مقابل نشاطًا ملحوظًا لطلابٍ آخرين وكل ذلك نتيجة استخدام لغة وسيطة هو غير مجبر على تعلمها، مما يضطر بعض الطلاب إلى مغادرة هذا النوع من المراكز أو الحضور في صمت دون أن يُظهر عجزًا؛ لأن عدم معرفة اللغة الوسيطة في نظر مَنْ حوله يُعَدُّ تأخرًا.

على كل حال هذه ستة أسبابٍ فقط من أسباب عديدة تجعلنا نتجنب إقحام اللغات الأجنبية واسطةً تواصليةً بيننا وبين طلابنا داخل الفصول بغرض تعليمهم اللغة العربية، وفي ما عدا ذلك فاستعمال اللغات الأجنبية أمر مباح ولم يحرمه أحد.

ولعل سؤالاً يطرأ على ذهن القارئ هنا، وهو " كيف يَسْهُلُ التواصلُ في المراحل الأولى من غير وساطةٍ لغوية؟"

وهذا هو موضوع مقالنا القادم بعون الله تعالى سنوضح فيه كيف يمكن للمعلم التواصل مع طلابه وما البدائل التواصلية التي يمكنه من خلالها إدارة التواصل بشكل ناجح وفعال.

 

 

 

 

 

1- استخدام كلمة اللاواعي من الاستخدامات غير المراعية لقواعد اللغة في الألفاظ العربية، واستبدال كلمة العقل الباطن باللاواعي أولى وأصح، وهو ذاكرة من نوع خاص تُعالج فيها عمليات  الإدراك   والتعلم  والفكر  واللغة  دون وعي .

[2]  - الحياة الرقمية، الثقافة والسلطة والتغير الاجتماعي في عصر الانترنت تأليف تي.في.ريد نقلته إلى العربية نشوى ماهر كرم الله ط العبيكان ص155.

[3] - The English language is evolving –Dr. Emma Seddon/  theconversation.com

Ücretli afiş

https://arabicglobal.org/